فالأوّل قولهم [اجترح] إذا عمل وكَسبَ. قال اللّه ﷿: ﴿أَمْ حَسِبَ اَلَّذِينَ اِجْتَرَحُوا اَلسَّيِّئاتِ﴾. وإنّما سمى ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ * بالجوَارح، وهى الأعضاء الكواسب. والجوارحُ من الطَّير والسباع: ذَوَاتُ الصَّيد.
وأما الآخَر [فقولهم] جرحَهُ بحديدةٍ جرْحاً، والاسم الْجُرْح. ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل. واستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.
فأمّا قول أبى عبيدٍ
فى حديث عبد الملك:«قد وعظتُكم فلم تزدادُوا على الموعظة إلاّ استجراحا». إِنه النُّقصان من الخير، فالمعنى صحيح إلاّ أنّ اللفظ لا يدلُّ عليه. والذى أراده عبدُ الملك ما فسَّرناه، أى إنّكم ما تزدادون على الوعْظ إلاّ ما يكسبكم الجَرْحَ والطَّعنَ عليكم، كما تُجْرِح الأحاديث. وقال أبو عبيد: يريد أنّها كثيرة صحيحها قليل. والمعنى عندنا فى هذا كالذى ذكرناه مِنْ قَبْل، وهو أنّها كثُرتْ حتى أحوج أهلَ العلم بها إلى جرْح بعضها، أنّه ليس بصحيح
(١) فى الأصل: «فشئ». (٢) ديوان أوس ١٩ واللسان (جرج). والدبور: جمع دبر، وهو النحل.