فتضرب العرب بها مثلاً للذى يُخالف القومَ فى رائهِمْ (١) ثمّ يرجع إلى قولهم.
فيقولون «ناوَصَ الجُرَّةَ ثم سالَمَها». والجَرَّة من الفَخّار، لأنّها تُجَرّ للاستقاء أبداً. والجَرُّ شئ يتّخذ من سُلاخَةِ عُرقوبِ البعير، تَجْعلُ فيه المرأةُ الخَلْع ثم تعلِّقه عند الظّعْنَ من مُؤَخَّر عِكْمها، فهو أبداً يتذبذب. قال (٢):
زوجُكِ يا ذاتَ الثنايا الغُرِّ … والزَّتِلَاتِ والجَبِين الحُرِّ (٣)
أعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاط الْجَرِّ … ثم شَدَدْنَا فوقَه بِمَرِّ (٤)
ومن الباب رَكىٌّ جَرور، وهى البعيدة القَعْر يُسْنَى عليها، وهى التى يُجَرُّ ماؤُها جَرّا. والجَرَّة الخُبْزة تُجرّ من الَمَّة قال:
وصاحبٍ صاحبته خِبٍّ دَنِعْ (٥) … داوَيْتُه لما تشكّى ووَجِعْ
بجَرّةٍ مثلِ الحِصان المضطجِعْ (٦)
فأمّا الجرجرة، وهو الصَّوت الذى يردَّده البعير فى حَنجرته فمن الباب أيضاً، لأنّه صوتٌ يجرُّه جرًّا، لكنَّه لما تكرَّر قيل جَرْجر، كما يقال صَلَّ وصَلْصَلَ.
وقال الأغلب:
جَرْجَرَ فى حنجرةٍ كالحُبِّ … وهامَةٍ كالمِرجلِ المنكَبِّ (٧)
(١) الراء: الرأى. والعبارة مطابقة لما فى الجمهرة (٥١: ١). (٢) الرجز فى المحمل، وأنشده فى اللسان (جرر، مرر). (٣) الرتلات، بفتح التاء وكسرها: المستويات النبات المعلجة. وكذا فى المجمل (جرر). وفى اللسان (مرر): «والربلات». وفسرها بقوله: «جمع ربلة، وهى باطن الفخذ». (٤) الشطر وسابقه فى (كفل). (٥) الدنع: الفسل لا لب له ولا خير. وفى الأصل «رئع»، ولا وجه له. (٦) هذا البيت والذى قبله فى اللسان (١٩٨: ٥). (٧) البيت الأول فى المجمل، وهو الثانى فى اللسان (٢٠١: ٥).