للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على العَقْبِ جياشٌ كأنَّ اهتزامَه … إذا جاش منه حَمْيُه غَلْىُ مِرجلِ (١)

وقال الخليل: كلُّ مَنْ ثَنَّى شيئاً فهو معقِّب قال لبيد:

حَتَّى تَهَجَّرَ للرّواح وهاجَها … طَلَب المعقِّبِ حقَّه المظلوم (٢)

قال ابن السّكيت: المعَقِّب: الماطِل، وهو هاهنا المفعول به، لأنَّ المظلوم هو الطالب، كأنه قال: طلب المظلوم حَقّه من ماطله. وقال الخليل: المعنى كما يطلب المعقّبُ المظلومَ حقَّه، فحمل المظلومَ على موضع المعقِّب فرفعه.

وفى القرآن: ﴿وَلّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ﴾، أى لم يعطف. والتَّعقيب، غزوة بعد غزوة. قال طفيل:

وأطنابُه أرسانُ جُرْدٍ كأنَّها … صدورُ القنا من بادئ ومُعقِّبِ (٣)

ويقال: عقَّبَ فلانٌ فى الصَّلاة، إذا قام بعد ما يفرُغ النّاسُ من الصَّلاة فى مجلِسه يصلِّى.

ومن الباب عَقِبُ القدَم: مؤخَّرها. وفى المثل: «ابنُكِ مَنْ دَمَّى عَقِبيكِ»، وكان أصل ذلك فى عَقيل بن مالك، وذلك أن كبشة بنت عُروة الرّحّال تبَنَّتْه، فعرَم (٤) عقيلٌ على أمِّه يوماً فضربته، فجاءها كبشةُ تمنعها، فقالت: ابنى ابنى.

فقالت القَينيَّة - وهى أمَةٌ من بنى القَين -: «ابنُكِ من دَمَّى عَقِبيكِ»، أى ابنك هو الذى نُفِسْتِ به ووَلَدْتِه حَتَّى أدمى النّفاس عَقِبيْك، لا هذا.


(١) البيت من معلقته المشهورة. ويروى: «على الذبل».
(٢) ديوان لبيد ٩٩ طبع ١٨٨٠ واللسان والجمهرة (عقب). ويروى: «وهاجه».
(٣) ديوان طفيل ص ٤٠.
(٤) عرم، بالراء المهملة، من العرامة، وهى الشراسة والخبث. وفى الأصل: «فعزم».