ألا تراه قال «تأبَّد»، فأعْلَمَ أنَّه أتى عليه أبَدٌ. ويجوز أن يكون تأبَّد، أى الِفَتْه الأوابد، وهى الوحش.
فهذا معنى العفو، وإليه يرجع كلُّ ما أشبهه.
وقول القائل: عفا: درس، وعفا: كثُر - وهو من الأضداد - ليس بشئ، إنّما المعنى ما ذكرناه، فإذا تُرِك ولم يُتعهَّد حتّى خَفِيَ على مَرّ الدهر فقد عفا، وإذا تُرِك فلم يُقطَع ولم يُجَزَّ فقد عفا (٣). والأصل فيه كلِّه التَّرك كما ذكرناه.
ومن هذا الباب قولهُم: عليه العَفاء، فقال قومٌ هو التُّراب؛ يقال ذلك فى الشَّتيمة. فإن كان صحيحاً فهو التُّراب المتروك الذى لم يُؤثَّر فيه ولم يُوطَأ؛ لأنّه إذا
(١) للأخطل فى ديوانه ٢٨٩ واللسان (عفا). وهو من أبيات يهجو بها كعب بن جعيل التغلى. (٢) البيت مطلع معلقته المشهورة. (٣) يعنى بذلك الصوف والشعر ونحوهما.