عفا عنه يعفُو عَفْوا. وهذا الذى قاله الخليل صحيح، وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّئ بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق. ألا ترى
أنّ النبىّ ﵇ قال:«عفوت عنكم عن صَدَقة الخيل». فليس العفو هاهنا عن استحقاق، ويكون معناه تركت أن أُوجِب عليكم الصّدقةَ فى الخيل.
ومن الباب العافية: دِفاع اللّه تعالى عن العبد، تقول عافاه اللّهُ تعالى من مكروهةٍ، وهو يعافيه معافاةً. وأعفاه اللّه بمعنى عافاه *. والاستعفاء: أن تطلب إلى مَنْ يكلِّفك أمراً أن يُعفِيَك منه. قال الشَّيبانى: عفاَ ظهرُ البعير، إذا تُرِك لا يُركَب وأعفيتُه أنا.
ومن الباب: العِفاوة: شئ يُرفَع من الطعام يُتحَف به الإنسان. وإنَّما هو من العَفْو وهو الترك، وذلك أنّه تُرِك فلم يُؤكَل. فأمّا قول الكميت:
فقال قوم: كانت تعطى عفو المال فصارت تسغب لشدّة الزمان. وهذا بعيد، وإنّما ذلك من العِفاوة. يقول: كان يُرْفَعُ لها الطّعامُ تُتحَف به، فاشتدَّ الزّمانُ عليهم فلم يَفْعلوا ذلك.
وأمّا العَافى من المرق فالذى يردُّه المستعير للقِدر. وسمِّى عاقباً لأنّه يُترك فلم يؤكل. قال:
إذا رَدّ عافِى القدر مَنْ يستعيرها (٢)
(١) البيت فى اللسان (عفا). (٢) البيت لمضرس الأسدى كما فى اللسان (عفا). وصدره: فلا تسألينى واسألى ما خليقتى.