فأمّا العَهْد فإنَّه يسمَّى ذِماماً لأن الإِنسان يُذَمُّ على إضاعته منه. وهذه طريقة للعرب مستعملةٌ، وذلك كقولهم: فلانٌ حامى الذِّمار، أى يَحْمى الشَّئَ الذى يُغضِب. وحامى الحقيقة، أى يَحْمِى ما يحقّ عليه أن يمنَعَه.
وأهل الذِّمّة: أهلُ العَقْد. قال أبو عُبيد: الذمَّة الأمان،
فى قوله ﵌:«ويَسعَى بذمَّتهم». ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم. ويقال فى الذِّمامْ مَذَمَّة وَمَذِمَّة، بالفتح والكسر، وفى الذَّمِّ مَذَمّة بالفتْح. و
جاء فى الحديث:«أنّ رجلاً سأل النبى ﵌: ما يُذْهِب عنى مَذَمَّة الرَّضاع؟ فقال: غُرَّةٌ: عبدٌ أو أمَةٌ». يعنى بمذَمَّة الرَّضاع ذِمامَ المُرضِعة. و
كان النّخَعىّ (٢) يقول فى تفسير هذا الحديث: إنّهم كانوا يستحبُّون أن يَرْضَخُوا عند فِصال الصبىّ للظّئْر بشئٍ سِوى الأَجْر. فكأنّه سأله: ما يُسقط عنِّى حقَّ التى أرضعَتْنى حتّى أكونَ قد أدّيّتُ حقَّها كاملا (٣).
حدّثنا بذلك القطَّان عن المفسِّر عن القُتَيبىّ. والعرب تقول: أذْهِبْ مَذَمَّتَهم بشئِ؛ أى أعطِهِم شيئاً؛ فإِنّ لهم عليك ذماماً. ويقال افْعلْ كذا وخَلَاك ذَمٌّ، أى ولا ذمَّ عليك. ويقال أذَمَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا تهاوَنَ به. وأذَمَّ به بعيرُه، إذا
(١) ديوان ذى الرمة ١٠٣ والمجمل واللسان (ذمم). (٢) هو إبراهيم بن يزيد النخعى، كما صرح به ابن فارس فى المجمل. وهو فقيه كوفى، توفى سنة ١٩٦. انظر تهذيب التهذيب. (٣) فى المجمل: «قد أديته كاملا».