للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمّا رأَتْ صَدَأَ الحديدِ بجِلْدِهِ … فالّلونُ أَوْرَقَ والبَنانُ قِصارُ

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن السّرِىّ الزجّاج: واحد البَنانِ بَنانةٌ. ومعناه فى قوله تعالى: ﴿وَاِضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ﴾ الأصابعُ وغيرها من جميع الأعضاء.

وإنّما اشتقاق البَنَان من قولهم أَبَنَّ بالمكان إذا قام؛ فالبنان به يُعتَمَدُ كلُّ ما يكون للإِقامة والحياة. قال الخليل: والبَنَّة الرِّيح من أرْبَاضِ (١) البقَر والغَنم والظبِّاء؛ وقد يُستعمَل فى الطيِّب، فيقال: أجِدُ فى هذا الثوب بَنَّةً طيِّبةً من عَرْف تُفَّاحٍ أو سفَرجَل. وأنشد

* بَلَّ الذُّنَابَى عَبَساً مُبِنَّا (٢) *

وهذا أيضاً من الأوّل، لأنّ الرائحة تلزم. وقال الرَّاجز فى الإِبنان وهو الإقامة:

قلائصاً لا يَشْتَكِين المَنَّا … لا يَنْتَظِرْنَ الرّجُل المُبِنَّا

قال أبو عمرو: البَنِينُ من الرِّجال العاقلُ المتثبِّت. قال: وهو مشتقٌّ من البَنَّة.

والبُنَانة الرَّوضة المعِشبَة الحَالية. ومنه ثابتُ البُنانىّ، وهو من ولد سَعْد بن لُؤىّ بن غالبٍ، كانت له حاضنةٌ تسمَّى بُنَانَة (٣). وهذا من ذاك الأوّل، لأن الرَّوضة المعْشِبةَ لا تَعْدَم الرائحةَ الطيِّبة.


(١) أرباض: جمع ربض، وهو الموضع الذى تربض فيه الدابة، كالمربض. وفى الأصل: «أرض» محرفة. وفى اللسان: «والبنة ريح مرابض الغنم والظباء والبقر».
(٢) من رجز لمدرك بن حصن الأسدى، كما فى اللسان (١٧، ١٠٩، ١١٧، ٢٣٣). وانظر الرجز أيضاً فى نوادر أبى زيد ٥٠ واللسان (خفض). والبيت فى اللسان (بنن) بدون نسبة.
(٣) الذى فى اللسان (٢٠٦: ١٦) والمعارف ٢٠٩ أن «بنانة» كانت تحت سعد بن لؤى، لا أنها كانت حاضنته.