للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأوَّل الغِيرَة، وهى الميرَة بها صلاحُ العِيال. يقال: غِرْتُ أهلى غِيرَةً وغِياراً، أى مِرْتُهُم. وغَارَهم اللّه تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم، أى أصلَح شأنَهم ونَفعَهم. ويقال: ما يَغِيرك كذا، أى ما ينفعُك. قال:

ماذا يَغِيرُ ابنتَىْ رِبْعٍ عَويُلهُمَا … لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لمَنْ رَقدا (١)

ومن هذا الباب الغَيْرة: غَيرةُ الرَّجُل على أهله. تقول: غِرْتُ على أهلى غَيْرَةً. وهذا عندنا من الباب؛ لأنّها صلاح ومنفعة.

والأصل الآخر: قولُنا: هذا الشَّئُ غيرُ ذاك، أى هو سِواه وخلافُه. ومن الباب: الاستثناء بغَير، تقول: عَشرة غير واحدٍ، ليس هو من العَشَرة. ومنه قولُه تعالى: ﴿صِراطَ اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا اَلضّالِّينَ﴾.

فأمَّا الدِّيَة فإنّها تسمَّى الغِيرَ.

قال رسول اللّه لرجلٍ طلَبَ القَوَدَ بولىٍّ له قُتِلَ: «ألَا الغِيرَ (٢)». يريد: ألَا تَقبلُ الغِير. فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل، لأنَّ فى الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه. ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثَّانى، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية، أى أُخِذَ غيرُ القَوَد، أى سِواه. قال فى الغِيَر:


(١) لعبد مناف بن ربعى الهذلى. ديوان الهذليين (٣٨: ٣) واللسان (غير) وإصلاح المنطق ١٥٢.
(٢) وكذا ورد نصه فى المجمل على الإيجاز. وفى اللسان: «ألا تقبل الغير».