للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَخَيَّرُ مِنْ لبن الآركا … ت بالصَّيفِ (١)

والأصل الثانى الإقامة. حدّثنى ابن السُّنّىّ عن ابن مُسَبِّح عن أبى حنيفة قال: جَعَل الكسائىُّ الإبل الأَرَاكِيَّةَ من الأُرُوك وهو الإقامة. قال أبو حنيفة: وليس هذا مأخوذاً من لفظ الأرَاكِ، ولا دالاًّ على أنها مُقِيمةٌ فى الأراك خاصّة، بل هذا لكلِّ شئٍ، حتى فى مُقَام الرّجُل فى بيتِه، يقال منه أرَكَ يَأْرِكُ ويَأرُكُ أُرُوكاً. وقال كُثَيِّر فى وصف الظَّعُنْ:

وفوقَ جِمال الحىِّ بِيضٌ كأنَّها … على الرَّقم أَرْآمُ الأثيل الأواركُ

والدليل على صحَّة ما قاله أبو حنيفة تسميتهم السَّرير فى الحَجَلة أَرِيكةً، والجمع أرائك. فإن قال قائلٌ: فإنَّ أبا عُبيدٍ زعَمَ أنه يقال للجرح إِذا صَلَحَ وتماثل أَرك يَأرُك أروكا؛ قيل له: هذا من الثانى، لأنه إذا اندمَلَ سكن بَغْيَه (٢) وارتفاعُه عن جِلْدة الجريح.

ومن هذا الباب اشتقاق اسم أَرِيك، وهو موضع. قال شاعر:

فمرَّتْ على كُشُبٍ غُدْوَةً … وحاذَت بجَنْبِ أَرِيكٍ أَصِيلَا (٣)


(١) تخير: تتخير. والبيت بتمامه فى ديوان الهذليين ص ١٤٦ طبع دار الكتب. والبيت بتمامه:
تخير من لبن الآركا … ت بالصيف بادية والحضر
وقبله:
أقامت به وابتنت خيمة … على قصب وفرات النهر.
(٢) فى اللسان (٨٤: ١٨): «يغى الجرح يبغى بغيا: فسد وأمد وورم وترامى إلى فساد». وانظر المخصص (٩٣: ٥).
(٣) كتب وأريك: جبلان بالبادية بينهما نأى من الأرض، وصف سرعتها وأنها سارت فى يوم ما يسار فى أيام. والبيت لبشامة بن عمرو فى المفضليات (٥٥: ١).