والباب الآخر: الشِّعار: الذى يتنادَى به القومُ فى الحرب ليَعرِف بعضُهم بعضاً. والأصلُ قولهم شَعَرتُ بالشّئ، إذا علمتَه وفطِنْتَ له. ولَيْتَ شِعْرِى، أى ليتنى علِمْتُ. قال قومٌ: أصله من الشّعْرة (١) كالدُّرْبة والفِطنة، يقال شَعَرَت شَعْرة. قالوا: وسمِّى الشّاعر لأنه يفطِن لما لا يفطن له غيرُه. قالوا: والدليل على ذلك قولُ عنترة:
هل غَادَرَ الشّعراء من مُتَرَدَّمِ … أم هل عَرَفْتَ الدَّارَ بَعد توهُّم (٢)
يقول: إنّ الشّعراءَ لم يغادِرُوا شيئاً إلاّ فطِنُوا له. ومَشاَعِرُ الحجّ: مواضع المَناسك، سمِّيت بذلك لأنّها مَعالم الحجّ. والشعيِرة: واحدة الشّعائر، وهى أعلامُ الحجّ وأعمالُه. قال اللّه ﷻ: ﴿إِنَّ اَلصَّفا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اَللّهِ﴾. ويقال الشعيرة أيضاً: البَدَنَة تُهدَى. ويقال إشعارها أنْ يُجَزَّ أصل سَنامها حتَّى يسيلَ الدّمُ فيُعلَم أنّها هَدْى. ولذلك يقولون للخليفة إن قُتِل: قد أُشعِر، يُختَصّ بهذا من دون كلِّ قتيل. والشِّعْرى: كوكبٌ، وهى مُشتهِرة. ويقال أشْعَرَ فلانٌ فلاناً شرًّا، إذا غَشِيه به.
وأشعَرَه الحبُّ مرَضاً، فهذا يصلُح أن يكون من هذا الباب إذا جعل ذلك عليه كالعَلَم، ويصلح أن يكون من الأوّل، كأنّه جُعِل له شِعاراً.
فأمّا قولهم: تفرّق القومُ شعاريرَ، فهو عندنا من باب الإبدال، والأصل شَعاليل، وقد مضى.
(١) نص فى القاموس على أنها مثلثة، بالكسر والفتح والضم. (٢) مطلع معلقه عنترة. وفى الأصل: «من مترنم»، تحريف.