للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما اشتقّ منه السُّنَّة، وهى السِّيرة. وسُنَّة رسول اللّه : سِيرته.

قال الهذلىّ (١):

فلا تَجْزَعَنْ من سُنَّةٍ أنت سرْتَها … فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يسيرُها

وإنما سمِّيَت بذلك لأنها تجرى جريًا. ومن ذلك قولهم: امضِ على سَنَنِك وسُنَنِك (٢)، أى وجهك. وجاءت الريح سَنائنَ، إذا جاءتْ على طريقة واحدة.

ثمَّ يحمل على هذا: سنَنْتُ الحديدة أسُنُّهَا سَنًّا، إذا أمْرَرْتَهَا على السِّنَان.

والسِّنَان هو المِسَنّ. قال الشاعر:

سِنَانٌ كحدِّ الصُّلَّبىِّ النَّحِيضِ (٣)

والسِّنان للرُّمح من هذا؛ لأنّه مسنون، أى ممطول محدّد. وكذلك السَّناسِنُ، وهى أطراف فَقار الظهر، كأنّها سُنّت سَنًّا.

ومن الباب: سِنُّ الإنسانِ وغيره مشبّه بسنان الرّمح. والسَّنون: ما يُسْتاك به؛ لأنَّه يُسَنُّ به الأسنان سَنًّا. فأمّا الثّور (٤). فأمّا قولهم: سَنَّ إبلَه، إذا رعاها، فإِنّ معنى ذلك أنّه رعاها حتّى حسُنَت بَشَرتُها، فكأنها قد صُقِلَتْ صَقْلاً، كما تُسنّ الحديدة. هذا معنى الكلام، ويَرجِعُ إلى الأصل الذى أصّلناه:


(١) هو خالد بن زهير الهذلى. انظر ديوان أبى ذؤبب ١٥٧، ونسخة الشنقيطى من الهذليين ٣٠. وفى اللسان: «خالد بن عتبة الهذلى».
(٢) ويقال أيضا بفتح فكسر، وبضمتين.
(٣) لامرئ القيس فى ديوانه ١١٠ واللسان (نحض، صلب). وصدره:
يبارى شباة الرمح خد مذلق.
(٤) كذا فى الأصل.