تَوَقِّي التَّحْرِيفِ وَالتَّصْحِيفِ:
٩ - بَيَّنَ أَهْل الْحَدِيثِ الطُّرُقَ الَّتِي يُتَوَقَّى بِهَا التَّحْرِيفُ وَالتَّصْحِيفُ، وَمِنْ ذَلِكَ:
أَوَّلاً: أَخْذُ الْعِلْمِ مِنْ أَفْوَاهِ الْعَارِفِينَ بِهِ الْمُتْقِنِينَ لَهُ، فَإِنَّ التَّصْحِيفَ كَثِيرًا مَا يَنْشَأُ عَنْ تَشَابُهِ الْحُرُوفِ فِي الصُّورَةِ، فَتُقْرَأُ الْكَلِمَةُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَجْهٍ، فَإِنْ أَخَذَهَا الرَّاوِي عَنْ فَمِ الشَّيْخِ أَخَذَهَا عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ (١) .
ثَانِيًا: كِتَابَةُ الْعِلْمِ الْمَرْوِيِّ وَضَبْطُ الْمَكْتُوبِ لِئَلاَّ يَخْتَلِطَ بِغَيْرِهِ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الاِعْتِمَادَ عَلَى الذَّاكِرَةِ وَحْدَهَا لاَ يَكْفِي، وَقَدْ قَال بَعْضُ السَّلَفِ: قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ.
ثَالِثًا: اسْتِكْمَال نَقْطِ الإِْعْجَامِ فِي الْكِتَابِ، لِتُفَرِّقَ بَيْنَ الْحُرُوفِ الْمُتَشَابِهَةِ كَالْبَاءِ وَالتَّاءِ وَالثَّاءِ وَالنُّونِ وَالْيَاءِ، وَكَالْفَاءِ وَالْقَافِ. وَاسْتِعْمَال الضَّبْطِ بِالشَّكْل حَيْثُ يُخْشَى التَّحْرِيفُ، وَرُبَّمَا اُحْتِيجَ إِلَى الضَّبْطِ بِالْكَلِمَاتِ، كَقَوْلِهِمُ " الْبِرُّ: بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ".
رَابِعًا: إِتْقَانُ عُلُومِ اللُّغَةِ، فَإِنَّهَا كَثِيرًا مَا تَكْشِفُ التَّحْرِيفَ وَالتَّصْحِيفَ (٢) .
وَقَدْ أَفْرَدَ الْعُلَمَاءُ لِبَيَانِ ضَبْطِ مَا يَقْبَل أَنْ يَدْخُل
(١) الباعث الحثيث ص ١٤٥، ومقدمة ابن الصلاح ص ٢٢٩.(٢) شرح ألفية العراقي له ٢ / ١٧٤ فاس، المطبعة الجديدة ١٣٥٤ هـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute