أ - حُكْمُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ:
٢٩ - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ (١) ، وَالْمَالِكِيَّةُ (٢) ، وَالْحَنَابِلَةُ (٣) إِلَى أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ صَحِيحَةٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ شُرَيْحٍ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ (٤) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَال لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} ، وَلِمَا رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الأَْسْلَمِيُّ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُل كُفَلاَءَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ (٥) ، قَال ابْنُ حَجَرٍ: اسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَشْرُوعِيَّةُ الْكَفَالَةِ بِالأَْبْدَانِ، فَإِنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَْسْلَمِيَّ صَحَابِيٌّ، وَقَدْ فَعَلَهُ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ عُمَرُ مَعَ كَثْرَةِ الصَّحَابَةِ حِينَئِذٍ (٦) ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ كَذَلِكَ قَوْل جَرِيرٍ وَالأَْشْعَثِ
(١) ابن عابدين ٥ / ٢٨٦، وبدائع الصنائع ٦ / ٤، وفتح القدير ٦ / ٢٨٥.(٢) الدسوقي والدردير ٣ / ٣٤٤، والمواق ٥ / ١٠٥، وبداية المجتهد ٢ / ٢٩١.(٣) كشاف القناع ٣ / ٣٦٢، والمغني ٥ / ٩٥.(٤) المغني ٥ / ٩٥ - ٩٦.(٥) أثر حمزة بن عمرو الأسلمي أن عمر - رضي الله عنه - بعثه مصدقًا. . . . " أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣ / ١٤٧) وعلقه البخاري في صحيحه (الفتح ٤ / ٤٦٩) .(٦) فتح الباري ٤ / ٤٧٠ وما بعدها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute