وَقِيل: مَعْنَى الْقَدْرِ هُنَا التَّضْيِيقُ كَمِثْل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (١) وَمَعْنَى التَّضْيِيقِ فِيهَا إِخْفَاؤُهَا عَنِ الْعِلْمِ بِتَعْيِينِهَا، أَوْ لأَِنَّ الأَْرْضَ تَضِيقُ فِيهَا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَقِيل: الْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَدَرِ - بِفَتْحِ الدَّال - وَهُوَ مُؤَاخِي الْقَضَاءِ: أَيْ بِمَعْنَى الْحُكْمِ وَالْفَصْل وَالْقَضَاءِ، قَال الْعُلَمَاءُ: سُمِّيَتْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لِمَا تَكْتُبُ فِيهَا الْمَلاَئِكَةُ مِنَ الأَْرْزَاقِ وَالآْجَال وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَقَعُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِأَمْرٍ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَهُمْ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ مَا يَدُل عَلَيْهِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُل أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} (٢) ، حَيْثُ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ اللَّيْلَةَ الْمُبَارَكَةَ الْوَارِدَةَ فِي هَذِهِ الآْيَةِ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَيْسَتْ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ (٣) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ هِيَ لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُبَارَكَةٌ مُعَظَّمَةٌ مُفَضَّلَةٌ ثُمَّ قَال: وَقِيل: إِنَّمَا سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لأَِنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ خَيْرٍ وَمُصِيبَةٍ، وَرِزْقٍ وَبَرَكَةٍ (٤) .
(١) سورة الطلاق / ٧.(٢) سورة الدخان / ٣ - ٥.(٣) المصباح المنير، والمفردات، وفتح الباري ٤ / ٢٥٥، ودليل الفالحين ٣ / ٦٤٩، والمجموع للنووي ٦ / ٤٤٧، والمغني لابن قدامة ٣ / ١٧٨.(٤) المغني ٣ / ١٧٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute