إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ. قَال ابْنُ الْهُمَامِ: وَهُمُ التُّجَّارُ، أَوْ أَرْبَابُ الصَّنَائِعِ إِنْ كَانَ الشَّيْءُ مِنَ الْمَصْنُوعَاتِ، وَقَال الْكَاسَانِيُّ: التَّعْوِيل فِي الْبَابِ عَلَى عُرْفِ التُّجَّارِ، فَمَا نَقَّصَ الثَّمَنَ (أَيِ الْقِيمَةَ) فِي عُرْفِهِمْ فَهُوَ عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ (١) .
وَقَال الْحَطَّابُ: التَّعْوِيل فِي اعْتِبَارِ الشَّيْءِ عَيْبًا أَوْ عَدَمَهُ هُوَ عَلَى عُرْفِ التُّجَّارِ. . وَإِنْ كَانَ عَامَّةُ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ التُّجَّارِ يَرَوْنَهُ، أَوْ لاَ يَرَوْنَهُ (٢) . وَلاَ شَكَّ أَنَّ ذِكْرَ التُّجَّارِ لَيْسَ تَخْصِيصًا، بَل الْمُرَادُ أَهْل الْخِبْرَةِ فِي كُل شَيْءٍ بِحَسَبِهِ.
وَهَل يُشْتَرَطُ إِجْمَاعُ أَهْل الْخِبْرَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِكَوْنِ الشَّيْءِ عَيْبًا؟ هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَ التُّجَّارُ فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ عَيْبٌ، وَقَال بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِعَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، إِذْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا بَيِّنًا عِنْدَ الْكُل.
وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يُطْلَبُ هَذَا الإِْجْمَاعُ بَل التَّعَدُّدُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ عَلَى مَا نَقَل السُّبْكِيُّ عَنْ صَاحِبَيِ التَّهْذِيبِ وَالْعُدَّةِ، وَالاِكْتِفَاءُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ، وَعَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ لاَ بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ. ثُمَّ قَال: لَوِ اخْتَلَفَا هَل هُوَ عَيْبٌ وَلَيْسَ
(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٧٤، الهداية وفتح القدير ٥ / ١٥٣، والفتاوى الهندية ٣ / ٦٧، والمغني ٤ / ١٣٧، والمبسوط للسرخسي ١٣ / ١٠٦، وقال: " وفي كل شيء إنما يرجع إلى أهل تلك الصنعة ".، والمجموع ١٢ / ٣٤٤.(٢) الحطاب على خليل ٤ / ٤٣٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute