للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يريد ترتيبا يوزع فيه الأفراد على الأفراد فيكون كل فرد من أولاد الأولاد داخلا عند عدم والده؛ لا عند عدم والد غيره؛ كما في قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ (١) وقولهم: الناس يحبون أولادهم، واللفظ صالح لكلا المعنيين صلاحا قويا؛ لكن قد يترجح أحدهما على الآخر بأسباب أخرى كما رجح الجمهور ترتيب الكل على الكل في قوله: وقفت على زيد وعمرو وبكر ثم على المساكين، فإنه ليس بين المساكين وبين أولئك الثلاثة مساواة في العدد حتى يجعل كل واحد مرتبا على الآخر، ولا مناسبة تقتضي أن يعين لزيد هذا المسكين ولعمرو هذا ولبكر هذا؛ بخلاف قولنا: الناس يحبون أولادهم؛ فإن المراد هنا من له ولد، فصار أحد العمومين مقاوما للآخر، وفي أولادهم من الإضافة ما اقتضى أن يعين لكل إنسان ولده دون ولد غيره، وكما يترجح المعنى الثاني في قوله سبحانه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ﴾ (٢) إلى آخره فإنه لم يحرم على كل واحد من المخاطبين جميع أمهات المخاطبين وبناتهم؛ وإنما حرم على كل واحد أمه وبنته، وكذلك قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ (٣) فإنه ليس لجميع الأزواج نصف ما ترك جميع النساء وإنما لكل واحد نصف ما تركت زوجته فقط وكذلك قوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ (٤) إنما معناه اتبع كل واحد ذريته؛ ليس معناه أن كل واحد من الذرية اتبع كل واحد من الآباء. وهذا كثير في الكلام: مثل أن يقول: الناس في ديارهم ومع أزواجهم يتصرفون في أموالهم


(١) من آية ٢٣٣ من سورة النساء.
(٢) من آية ٢٣ من سورة النساء.
(٣) من آية ١٢ من سورة النساء.
(٤) من آية ٢١ من سورة الطور.

<<  <  ج: ص:  >  >>