اقتضت حكمة الله ﷿ في تشريعه مراعاة مصالح العباد، فلم يشرع شيئا إلا وفيه جلب مصلحة لهم، أو دفع مفسدة عنهم، ومن ذلك شرعت الوصية؛ لحكم جليلة، ومقاصد سامية، وأهداف نبيلة تجمع بين مصالح العباد في الدنيا ورجاء الثواب في الآخرة.
فمن ذلك: لطف الله بعباده أن أباح لهم من أموالهم عند خروجهم من الدنيا ما يتزودون منها لآخرتهم، ويكسبون الأجر من الله ﷿؛ لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله وقدرته على المال تبرعاً وصدقة، وشرع الله انتقاله إلى ورثته وهم أقرباؤه ومحل إيثاره.
غير أن من الناس من تدعوه ظروفه وصِلاته بغير أهله إلى أن يكافئ من أسدى إليه معروفا، أو فرج عنه كربة لم تتح له الفرصة في حياته برد الجميل والإحسان.
كما أن الإنسان مغرور بأمله مقصر في عمله، فإذا عرض له المرض وخاف الموت احتاج إلى تلافي بعض ما بدر منه من تفريط.
قال الزيلعي: «إن الوصية شرعت لحاجة الناس إليها؛ لأن الإنسان مغرور بأمله، مقصر في علمه، فإذا عرض له عارض وخاف الهلاك، فإنه يحتاج إلى تلافي ما فاته من التقصير، وبالوصية يحصل مقصوده إذا تحقق ما كان يخافه، ولو اتسع له الوقت واحتاج إلى الانتفاع بماله صرفه إلى