للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[المبحث الثامن: وصية الإنسان بإتلاف كتبه]

صورة المسألة: لو أن رجلاً أوصى بأن تدفن كتب العلم التي له أو تغرق في الماء (١) بعد موته، وقد رويت الوصية بذلك عن جماعة من السلف، منهم: طاووس، وعبيدة، وشعبة، وأبي قلابة، وعيسى بن يونس، وبشر بن الحارث، وغيره (٢).

فهل تصح وصيته أو لا؟

لأهل العلم في هذه المسألة خمسة أقوال:

القول الأول: لا تصح هذه الوصية، فلا تدفن كتب العلم.

وهو قول الحنفية (٣)، والمعتمد عند الحنابلة (٤).

استدل أصحاب هذا القول بما يلي:


(١) وقد دفن بعض أهل العلم كتبه في حياته أو ألقاها في البحر؛ تزهداً أو تواضعاً أو خشيةً ممن لا ينتفع بها من بعده من ولده، ومنهم: يوسف بن أسباط، وحمل أحمد بن أبي الحواري كتبه إلى البحر فغرَّقها.
وقد قال ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية: "وقد تزهد خلق كثير فأخرجوا ما بأيديهم، ثم احتاجوا فدخلوا في مكروهات … "، وقال: " فلا ينبغي للعاقل أن يعمل بمقتضى الحال الحاضرة، بل يصور كل ما يجوز وقوعه، وأكثر الناس لا ينظرون في العواقب ..... " الآداب الشرعية ١/ ٢٢٠، ٢/ ١١٥، وانظر: فتح القدير ١/ ٢٨٢.
(٢) انظر: تقييد العلم ص ٦١، جامع بيان العلم ١/ ٧٦، سير أعلام النبلاء ١١/ ٣٩٦.
(٣) البحر الرائق ٨/ ٥١٨.
(٤) الفروع ٤/ ٦٩٢، الإنصاف ١٧/ ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>