(١٥٧) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله ﵄ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح -وهو بمكة-: " إنَّ اللهَ ورسولَه حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك: "قاتل الله اليهود إن الله ﷿ لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه، فأكلوا ثمنه" (١).
في الحديث جواز الانتفاع بالنجاسات، وإذا ثبت هذا جاز وقفها.
والخلاصة: أن وقف المحرم لعينه لا تخلو من حالتين:
الحال الأولى: وقفه لما يتضمنه من منافع مباحة، فجائز.
الحال الثانية: وقفه لما يتضمنه من منافع محرمة، فلا يجوز.
المسألة الثالثة: أن يكون محرماً لكسبِهِ:
وتحته حالتان:
الحال الأولى: المأخوذ بغير رضا مالكِهِ ولا إذن الشارع، كالمسروق والمغصوب والمُنتهب، فهذا يجبُ ردُّهُ على صاحبِهِ إن عَلِمَه أو علم ورثته بالإجماع (٢).
قال ابن هبيرة: " واتفقوا على أنه يجب على الغاصب رد المغصوب إن كانت عينه قائمة، ولم يخف من نزعها إتلاف نفس " (٣).
(١) صحيح البخاري - كتاب البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (٢١٢١)، ومسلم - كتاب المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة والأصنام (١٥٨١). (٢) ينظر: رد المحتار ٢/ ٢٦، الفتاوى الهندية ٥/ ٣٤٩، أحكام القرآن للقرطبي ٣/ ٣٦٦، القوانين الفقهية ص ٢٦٨، روضة الطالبين ١١/ ٢٤٦، نهاية المحتاج ٥/ ١٨٧، الشرح الكبير لابن قدامة ٣/ ٢٢٠، زاد المعاد ٥/ ٧٧٨، المحلى ١١/ ٣٣٩. (٣) اختلاف الأئمة لابن هبيرة ٢/ ١٢.