للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المسألة الرابعة: وقف السفيه (١):

باتفاق العلماء صحة وقف البالغ الرشيد، واختلف العلماء في حكم وقف السفيه على قولين:

القول الأول: عدم صحة وقف السفيه.

بهذا قال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن من الحنفية (٢)، وهو مذهب


(١) السفه: مصدر سَِفه يسفه، من باب تعب. ضد الحلم، ومعناه في اللغة: الخفة، والجهل، والحركة. ينظر: القاموس المحيط ص (١٦٠٩)، والمصباح المنير (١/ ٣٣٠) مادة (سفه).
والسفه في الاصطلاح: هو تبذير المال وإتلافه على خلاف مقتضى الشرع والعقل. الدر المختار ٩/ ٢٠٨، والتعريفات للجرجاني ص (١١٩).
فالسفيه هو من يبذر ماله سرفا في لذاته من الشراب والفسق وغيره، ويسقط فيه سقوط من لم يعد المال شيئا، وأما من أحرز المال وأنماه وهو فاسق في حاله غير مبذر لماله فليس سفيها.
ينظر: كشاف اصطلاحات الفنون (٢/ ٤٥٢ - ٤٥٣).
وإلى هذا المعنى ذهب جمهور أهل العلم فالرشد عندهم: صلاح الإنسان في ماله. فهو مذهبسس الحنفية، والمالكية والحنابلة، وهو قول مرجوح عند الشافعية.
وقد فرق الإمام مالك بين الغلام والجارية فقال: الجارية لا يفك عنها الحجر، ولا يرتفع السفه إذا بلغت حتى تتزوج ويدخل بها، وتكون حافظة لما لها، وهذا الفرق رواية عن أحمد.
أما القول الراجح عند الشافعية في معنى السفه فهو: التبذير في المال، والفساد فيه وفي الدين معا، فلا يعطى الصبي ماله بعد البلوغ إلا إذا تحقق فيه صلاح الدين وإصلاح المال، فعلى هذا لا يدفع المال إلى الصبي الذي بلغ وهو فاسق، وإن كان رشيدا في إنماء ماله وإصلاحه والمحافظة عليه.
ينظر: تبيين الحقائق (٥/ ١٩٢)، مواهب الجليل (٥/ ٦٤)، روضة الطالبين (٤/ ١٨١)، مغني المحتاج (٢/ ١٨٦)، المغني لابن قدامة (٦/ ٦٠٧)، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص (١٥٤)، صيغ العقود ص ٣٤٥.
(٢) بدائع الصنائع (٧/ ١٧١)، تبيين الحقائق (٥/ ١٩٢)، مصدران سابقان.

<<  <  ج: ص:  >  >>