وبهذا يتبين أن الخرف كالمجنون في عدم صحة وصيته التي تفيد التزامه بعقد من العقود.
المسألة السابعة: وصية السكران (٤).
السكران لا يخلو من حالتين:
الحال الأولى: أن يكون معذوراً بسكره، كمن شرب مسكراً ظنه
(١) سنن ابن ماجه -كتاب الحدود/ باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، وسند هذه الرواية: فيه القاسم بن يزيد، وهو مجهول، ولم يدرك عليا ﵁. ينظر: مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه (١/ ٣٥٢)، والحديث تقدم تخريجه برقم (١١٤). (٢) لم أقف عليه. (٣) قال النووي في روضة الطالبين (٧/ ٦٣): " الصورة الثانية مما يسلب النظر: اختلال النظر لهرم، أو خبل جبلي، أو عارض يمنع الولاية - أي ولاية النكاح - وينقلها إلى الأبعد ". وقال ابن قدامة في المغني (٩/ ٣٦٧): " الذي قد ضعف لكبره، فلا يعرف موضع الحظ لها، فلا ولاية له - أي في النكاح - ". (٤) اختلفت عبارات الفقهاء في بيان حد السكران: فقيل هو: الذي اختلط كلامه المنظوم، وانكشف سره المكتوم. وقيل هو: الذي تغير عقله تغيراً يجترئ على معان لا يجرئ عليها صاحياً. وقيل هو: الذي لا يفرق بين السماء والأرض، ولا بين أمه وامرأته. وقيل غير هذا. ينظر: مواهب الجليل (٤/ ٢٤٢)، الأشباه والنظائر للسيوطي ص (١٤١)، روضة الطالبين (٨/ ٦٢). قال ابن كثير -رحمة الله- في تفسيره (١/ ٥٤٨): " أحسن ما يقال في حد السكران: أنه الذي لا يدري ما يقول ". وقد استنبط ابن كثير هذا التعريف من قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ النساء: آية ٤٣. قال الحافظ ابن حجر -رحمة الله- في الفتح (٩/ ٣٩٠): " فإن فيها -أي الآية- دلالة على أن من علم ما يقول لا يكون سكراناً ". وينظر: المغني لابن قدامة (١٠/ ٣٤٨).