دواء غير مطرب كشارب البنج وما في معناه (١)، فلا تصح هبته حتى ولو قصد بتناوله السكر.
وهذا الشرط وجه عند الشافعية (٢).
وعللوا بأن الشرابَ المطربَ يدعو النفسَ إلى تناولِهِ، فغلظ حكمُهُ زجراً عنه بوقوع الطلاق ونحوه، كما غلظ بالحد.
أما غير الطرب فالنفس منه نافرة، ولذلك لم يغلظ بالحد، فلم يغلظ بوقوع الطلاق ونفاذ العقود، كالوصية وغيرها (٣).
[المسألة الثامنة: وصية الغضبان.]
تحرير محل النزاع:
اتفق الفقهاء ﵏ على أنَّ وصية من زال عقلُهُ لشدَّة غضبه لا يقع (٤)، كما اتفقوا على وقوع وصية مَن لم يؤثِّر غضبُهُ على قصدِهِ
(١) وهذا النوع يطلق عليه القرافي: المفسد. وله تفريق لطيف بين المسكر والمرقد والمفسد. قال في الفروق (١/ ٧٢١): " الفرق الأربعون بين قاعدة المسكرات والمرقدات المفسدات: هذه القواعد الثلاث قواعد تلتبس على كثير من الفقهاء والفرق بينها: أن المتناول من هذه إما أن تغيب معه الحواس أو لا، فإن غابت معه الحواس كالبصر والسمع واللمس والشم والذوق، فهو المرقد، وإن لم تغب معه الحواس، فلا يخلو إما أن يحدث معه نشوة وسرور وقوة نفس عند غالب المتناول له أو لا، فإن حدث ذلك فهو المسكر وإلا فهو المفسد، فالمسكر هو المغيب للعقل مع نشوة وسرور كالخمر، والمزر وهو المعمول من القمح .... والمفسد هو المشوش للعقل مع عدم السرور الغالب كالبنج والسيكران ..... "، وينظر: صيغ العقود (١/ ٥٠٣). (٢) الحاوي، مرجع سابق، (١٣/ ١٠٨). (٣) نفسه. (٤) إعانة الطالبين (٤/ ٦)، والمبدع في شرح المقنع (٧/ ٢٥٢)، وحاشية الدسوقي (٢/ ٣٦٦)، وحاشية ابن عابدين (٢/ ٤٢٧).