والذي يظهر لي رجحانه ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من الجواز؛ وذلك لقوة دليله، من كونه طريقاً لتلافي ما وقع فيه من جور، ولا يصح قياسه على الوصية؛ لأن منعه من الوصية للوارث إنما هو لحق بقية الورثة، ولا حق لهم فيما سبيله التعديل، فحق الآخر في العطية ثابت قبل المرض.
المسألة الثانية: الرجوع في الهبة على المخصص، أو المفضل في القدر الزائد.
إذا خص الأب بعض أولاده بهبة أو فضله، فإنه يجب عليه أن يرجع في الهبة، أو الزيادة التي فضله بها، أو يعطي البقية في حال التخصيص، أو يزيد غير المفضل في حال التفضيل عند القائلين بوجوب التعديل في هبة الأولاد، وتقدمت أدلة ذلك.
[المطلب السادس: تخصيص أو تفضيل بعض الأولاد لمعنى يقتضي ذلك]
اختلف القائلون بحرمة تفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة في جواز ذلك لمعنى يقتضي تخصيصه، مثل اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغال بالعلم أو نحوه من الفضائل، وكذا صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها، على قولين: