يتحقّق عقد الإيصاء بإيجابٍ من الموصي، وقبولٍ من الموصى إليه، ولا يشترط في الإيجاب أن يكون بألفاظٍ مخصوصةٍ، بل يصحّ بكلّ لفظٍ يدلّ على تفويض الأمر إلى الموصى إليه بعد موت الموصي، مثل: جعلت فلاناً وصيّاً، أو عهدت إليه بمال أولادي بعد وفاتي، وما أشبه ذلك.
وكذلك القبول، فإنّه يصحّ بكلّ ما يدلّ على الموافقة والرّضى بما صدر من الموصي، سواء أكان بالقول كقبلت أو رضيت، أو أجزت، ونحو ذلك، أم بالفعل الدّالّ على الرّضى، كبيع شيءٍ من التّركة بعد موت الموصي، أو شرائه شيئاً يصلح للورثة، أو قضائه لدينٍ أو اقتضائه له.
ولا يشترط في القبول أن يكون في مجلس الإيجاب، بل يمتدّ زمنه إلى ما بعد موت الموصي؛ لأنّ أثر عقد الإيصاء لا يظهر إلاّ بعد موت الموصي، فكان القبول ممتدّاً إلى ما بعده.
وصحّ قبول الإيصاء في حال حياة الموصي عند الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، والشّافعيّة في مقابل الأصحّ عندهم؛ لأنّ تصرّف الموصى إليه يقع لمنفعة الموصي، فلو وقف القبول والرّدّ على موته لم يؤمن أن يموت الموصي، ولم يسند وصيّته إلى أحدٍ، فيكون في ذلك إضرار به، وهذا بخلاف قبول الوصيّة بجزءٍ من المال، فإنّ قبول الموصى له لا يكون معتبراً إلاّ بعد موت الموصي؛ لأنّ الاستحقاق فيها إنّما هو لحقّ الموصى له، فلم يكن ثمّ ما يدعو إلى تقديم القبول على الموت.