فقوله: بإسناد شهادة لسماع: تخرج شهادة البت، وهي شهادة الشاهد الأصيل الذي سمع المشهود به، أو رآه بنفسه.
وبقوله: من غير معين: تخرج شهادة النقل، وهي: الشهادة على الشهادة؛ لأن المنقول عنه في الشهادة على الشهادة معين (١).
[المسألة الثانية: مشروعيتها]
الأصل أنه لا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه أي لم يقطع به من جهة المعاينة أو السماع بنفسه (٢)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)﴾ (٣).
ولأن الشهادة مشتقة من المشاهدة ولا يتحقق العلم إلا بالمشاهدة والعيان، فلا يحصل العلم إلا بمعاينة السبب، أو بالخبر المتواتر، ولذا فإنها لا تجوز الشهادة بالتسامع، إلا أن هناك أموراً تختص بمعاينة أسبابها خواص الناس ويتعلق بها أحكام تبقى على انقضاء القرون، وانقراض الأعصار لو لم تقبل فيها الشهادة بالتسامع لأدى ذلك إلى الحرج وتعطيل الأحكام، والحرج مدفوع شرعاً.
[المسألة الثالثة: مراتبها]
قال ابن رشد: شهادة السماع لها ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: تفيد العلم، وهي المعبر عنها بالتواتر، كالسماع بأن
(١) شرح الخرشي على مختصر خليل ٧/ ٢١٠، شرح ميارة على تحفة الحكام ١/ ٨٥، مواهب الجليل ٦/ ١٩٢. (٢) طرق الإثبات الشرعية لأحمد إبراهيم ص ١١٥. (٣) آية ٣٦ من سورة الإسراء. (٤) من آية ٨٦ من سورة الزخرف.