للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحال الثالثة: أن لا يذكر الواقف أي شرط يتعلق بالاستثمار:

والذي يظهر في هذه الحالة أنه مع مراعاة ضوابط الاستثمار الآتية مما يتعلق بالمصلحة وأمن المخاطرة والحذر مما فيه غبن أو تهمة ونحوه، فإن الاستثمار مشروع ولو لم يشترط الواقف ذلك؛ لأن ما يحقق مصلحة الواقف ويعود بالنفع على الموقوف عليه أمرٌ مشروط اقتضاءً حال إقامة الوقف، حتى ولو بان أنه خلاف مراد الواقف في الظاهر؛ لأن العبرة بحقائق الأمور ومقاصدها ومآلاتها (١).

قال العز بن عبد السلام: " يتصرف الولاة ونوابهم بما ذكرنا من التصرفات بما هو الأصلح للمولى عليه درءا للضرر والفساد، وجلبا للنفع والرشاد، ولا يقتصر أحدهم على الصلاح مع القدرة على الأصلح إلا أن يؤدي إلى مشقة شديدة، ولا يتخيرون في التصرف حسب تخيرهم في حقوق أنفسهم، مثل أن يبيعوا درهما بدرهم، أو مكيلة زبيب بمثلها؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (٢)، وإن كان هذا في حقوق اليتامى فأولى أن يثبت في حقوق عامة المسلمين فيما يتصرف فيه الأئمة من الأموال العامة؛ لأن اعتناء الشرع بالمصالح العامة أوفر وأكثر من اعتنائه بالمصالح الخاصة، وكل تصرف جر فسادا أو دفع صلاحا فهو منهي عنه كإضاعة المال بغير فائدة ".

[المسألة الرابعة: تكاليف التشغيل والصيانة لاستثمار الوقف.]

وقد تم بحث هذه المسألة في مبحث عمارة الوقف.


(١) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ٢/ ٨٩.
(٢) من آية ٣٤ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>