الراجح -والله أعلم- القول الأول؛ إذ الأصل في عقود التبرعات الحل والصحة.
[المسألة الثالثة: الشرط الثالث: أن تكون الهبة معلومة.]
(هبة المجهول)
إذا وهب شخص لآخر شيئاً مجهولا، كما لو وهبه ما في جيبه، أو ما في بيته ونحو ذلك، فاختلف العلماء في حكم هذه الهبة على قولين:
القول الأول: صحة هبة المجهول.
وهو مذهب المالكية (١)، واختاره شيخ الإسلام (٢).
لكن عند المالكية إن ظنه قليلاً فبان كثيراً لم يلزمه إن حلف على ظنه (٣).
قال ابن رشد:" وأما صفة العوض -أي في الخلع- فإن الشافعي وأبا حنيفة يشترطان فيه أن يكون معلوم الصفة ومعلوم الوجوب، ومالك يجيز فيه المجهول الوجود والقدر والمعدوم، مثل الآبق والشارد والثمرة التي لم يبد صلاحها، والعبد غير الموصوف، وحكي عن أبي حنيفة جواز الغرر ومنع المعدوم، وسبب الخلاف: تردد العوض ههنا بين العوض في البيوع، أو الأشياء الموهوبة والموصي بها، فمن شبهها بالبيوع اشترط ما يشترط في البيوع وفي أعواض البيوع، ومن شبهه بالهبات لم يشترط ذلك "(٤).
وقال القرافي: " وقد فصل مالك بين قاعدة ما يجتنب فيه الغرر والجهالة
(١) المدونة ٤/ ٢٦٥، بداية المجتهد ٢/ ٣٢٩، شرح الخرشي ٧/ ١٠٣. (٢) الفتاوى ٣١/ ٢٧٠، الاختيارات ص ١٨٣، الإنصاف ٧/ ١٣٣. (٣) شرح خليل للشنقيطي، مرجع سابق، (٥/ ٢٠٩). (٤) بداية المجتهد، مرجع سابق، ١/ ٧٨٠.