٢ - أن الموصي قد اعتمد على الموصى إليه، فلو صح فسخ الموصى إليه لعقد الوصية لكان في ذلك تغرير بالموصي من جهة الموصى إليه، والتغرير إضرار، والإضرار لا يجوز، فلا يصح الفسخ (١).
ونوقش من وجهين:
الأول: أن هذا يجب أن يقيد بما إذا لم يترتب على الفسخ ضرر بالموصى إليه؛ لأن الضرر لا يدفع بالضرر، بل يدفع عن كل واحد منهما قدر الإمكان.
الثاني: أن الموصي لا يقع عليه ضرر قطعا؛ لأنه قد مات، وإنما يقع الضرر إن وجد على الموصى به، فلذلك يجب أن يراع ضرره لا ضرر الموصي المزعوم.
ويمكن أن يعلل لما ذهب إليه الحنفية من تقييد مذهبهم بعدم اشتراط الفسخ عند العقد: أن الشرط ينفي الغرر الذي كان مانعا من الفسخ، وإذا انتفى ما بني عليه فلا يفوت الفسخ.
ويمكن أن يعلل لما ذهب إليه المالكية من تقييد مذهبهم بعدم العذر الطارئ: بأن الهدف من الوصية تحقيق المصالح، فإذا حصلت للموصى إليه أعذار لم تكن حاصلة عند العقد تمنعه من أداء المهمة الموكلة إليه على الوجه المطلوب، فإن الفسخ حينئذ يحق له؛ لأن بقاء مسؤولية الموصى إليه عن الموصى به لا يكون محققا للمصلحة التي من أجلها شرعت الوصية، بل قد يكون فيه إفساد وإضرار بالموصى به، وقد يكون فيه إضرار بالموصى إليه نفسه ودفع الضرر واجب، ولذلك يحق للموصى إليه أن يفسخ الوصية إذا كان يترتب على بقائها ضرر عليه أو على الموصى به.