للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٦ - ووجه القول ببطلانها إذا لم يعلم الموصي بقاتله هو قاعدة: أن من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه.

وأما سبب الخلاف إذا علم ولم يغير وصيته فهو الخلاف في السكوت هل يدل على الرضا أم لا؟

فمن اعتبره دالا على الرضا قال: سكوته بعد علمه بقاتله دليل على رضاه ببقاء وصيته له، وعدم رجوعه، أو هو بمنزلة الوصية له بعد الجرح.

ومن اعتبره لا يدل على الرضا قال ببطلانها، إلا أن ينشئ وصية جديدة لبطلان الأولى بالقتل العمد العدوان، ورأى السكوت غير كاف في الدلالة على الرضا ببقاء وصيته الأولى له.

٧ - وحجة القول بصحتها في حالة العلم بقاتله: هو عموم أدلة الوصية، وعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ (١) وإبطال الوصية تبديل لها، فلا يجوز إلا بدليل خاص يصلح أن يكون مخصصا لهذه العمومات.

٨ - أن تأخر الوصية عن الجرح ينفي عن الجارح تهمة استعجال الشيء قبل أوانه، فلا تشمله القاعدة السابقة (٢).

٩ - أن الوصية بعد الجرح صدرت من أهلها في محلها، ولم يطرأ عليها ما يبطلها، بخلاف ما إذا تقدمت، فإن القتل طرأ عليها فأبطلها؛ لأنه يبطل ما هو آكد منها، يحققه أن القتل إنما منع الميراث، لكونه بالقتل استعجل الميراث الذي انعقد سببه فعورض بنقيض قصده، وهو منع الميراث، دفعا لمفسدة قتل الموروثين، ولذلك بطل التدبير بالقتل الطارئ عليه أيضا، وهذا المعنى متحقق في القتل الطارئ على الوصية، فإنه ربما استعجلها بقتله،


(١) من الآية ١٨١ من سورة البقرة.
(٢) بدائع الصنائع ٧/ ٣٣٩، الفتاوى الهندية ٦/ ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>