يصدر عنهما في حال الصغر والجنون، فلا تبطل الوصية بقتلهما؛ لما في ذلك من مؤاخذتهما بفعلهما.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن القتل مانع، والمانع يستوي فيه المكلف وغيره؛ لأنه من خطاب الوضع الذي لا يشترط في التكليف (١).
٣ - أدلة الإذن في القتل الحق؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، والإذن في الشيء يدل على مشروعيته، وصحته عند وقوعه، وعدم المعاقبة على فعله، فلو حرم القاتل بحق من الوصي لكان ذلك معاقبة له عليه، والعقوبة على الشيء تقتضي تحريمه فيلزم اجتماع الضدين: الإذن في القتل، والنهي عنه وهو محال.
(٢٥٩) ٤ - وما رواه البخاري من طريق عكرمة، ومسلم من طريق ثابت مولى عمر بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو ﵄ قال: سمعت النبي ﷺ يقول: "من قُتِل دون ماله فهو شهيد "(٢).
فلو حرم الدافع عن وصيته بسبب قتله الموصي أثناء دفاعه لكان ذلك عقابا يقتضي تحريمه، فيجتمع الأمر بالقتل والنهي عنه، وهو لا يجوز.
٥ - عموم أدلة الوصية، فإنها تعم القاتل وغيره.
خرج منها قاتل العمد العدوان إذا كان مكلفا؛ لاتهامه بقصد استعجال الوصية قبل وجوبها، فعوقب بحرمانه منها، فيبقى من عداه داخلا في النص مشمولا له؛ لانتفاء هذه العلة، والعام المخصوص حجة في الباقي، كما أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وهذه الحالات التهمة فيها منتفية.
(١) الفروق للقرافي ١/ ١٦١. (٢) صحيح البخاري في المظالم/ باب من قتل دون ماله (٢٣٤٨)، ومسلم في الإيمان/ باب الدليل على أن من قصد مال عيره .... (٣٧٨).