وفارق القتل قبل الوصية، فإنه لم يقصد به استعجال مال، لعدم انعقاد سببه، والموصي راض بالوصية له بعد صدور ما صدر منه في حقه.
١٠ - أنه إذا كان الجرح بعد الوصية، فالظاهر ندم الموصي على وصيته ورجوعه عنها، فحمل على ذلك، وإن لم يصرح بالرجوع، بخلاف الجرح قبل الوصية، فالظاهر أنه أوصى له بقصد مقابلة السيئة بالحسنة.
دليل القول الثاني:
(٢٦٠) ١ - ما رواه أبو داود من طريق شيبان، حدثنا محمد -يعني ابن راشد-، عن سليمان -يعني ابن موسى-، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس للقاتل شيء»(١).
(١) سنن أبي داود كتاب الديات/ باب ديات الأعضاء (٤٥٦٦). وأخرجه البيهقي ٦/ ٢٢٠ من طريق محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، به. وأخرجه النسائي في الفرائض/ باب توريث القاتل ٤/ ٧٩، والدارقطني في الفرائض ٤/ ٩٧، وابن عدي في الكامل ١/ ٢٩٧، والبيهقي ٨/ ١٨٦ من طريق إسماعيل ابن عياش، عن يحيى بن سعيد، وابن جريج، والمثنى بن الصباح، عن عمر بن شعيب به، وهذا ضعيف لما يلي: ١ - أن ابن جريج لم يسمع من ابن شعيب. ٢ - أن إسماعيل بن عياش روى عن غير بلده، وخالف الثقات في ابن سعيد كمالك، وأبي خالد الأحمر، ويزيد بن هارون، وهشيم، والثوري، يروونه عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب قال عمر ﵁: سمعت رسول الله ﷺ فذكر الحديث، فجعله من مسند عمر، أما حديث مالك: فأخرجه في الموطأ ٢/ ٦٦٠، ومن طريقه الشافعي في الرسالة ص ١٧١، وعبد الرزاق ٩/ ٤٠٢، والنسائي في الكبرى ٩/ ٧٩، وأما حديث أبي خالد فأخرجه ابن ماجه ٢/ ٨٨٤. وأما حديث يزيد وهشيم وأخرجه أحمد ١/ ٤٩، والبيهقي ٨/ ١٣٤، وأما حديث سفيان الثوري، فأخرجه عبد الرزاق ٩/ ٤٠٣. والحديث من جميع هذه الأوجه منقطعة؛ مداره على عمرو بن شعيب، ولم يسمع من عمر ﵁، كما قال أبو زرعة (المراسيل لابن أبي حاتم ١٤٨). وقال البيهقي في المعرفة ٩/ ١٠٣: هذا مرسل. وأخرجه الدارقطني ٤/ ٩٥ من طريق عبد الله بن جعفر، وسفيان بن عيينة، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ليس لقاتل ميراث"، وهذا رجاله ثقات، وفي سماع سعيد من عمر خلاف. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة ﵁: أخرجه الترمذي في الفرائض ٤/ ٤٢٥، وابن ماجه في الديات ٢/ ٨٨٣، والدارقطني في الفرائض ٣/ ٩٦، وابن عدي في الكامل ١/ ٣٢٨، والبيهقي في الفرائض ٦/ ٢٢٠، من طرق عن الليث بن سعد عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة، عن الزهري، عن حميد ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة ﵁. وقال الثرمذي: هذا حديث لا يصح، ولا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله ابن فروة قد تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل. وقد جاء من حديث ابن عباس ﵄ قال: " من قتل قتيلا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره، وإن كان والده أو ولده، فإن الرسول ﷺ قضى أن ليس لقاتل ميراث ". أخرجه عبد الرزاق ٩/ ٤٠٤، ومن طريقه البيهقي، في الفرائض ٦/ ٢٢٠. عن معمر عن رجل قال عبد الرزاق هو عمرو برق، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا إسناد ضعيف لحال عمرو برق، واسمه عمرو بن عبد الله بن الأسوار اليماني. قال أحمد: له مناكير، وقال الأزدي: متروك الحديث، وقال ابن حجر: صدوق فيه لين. ينظر: الكامل ٥٤٤، الميزان ٣/ ٢٧١، التقريب ٥٠٦٠. وأخرجه الدارقطني في الفرائض ٤/ ٩٥ من طريق سفيان، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس ﵄، وهذا إسناد ضعيف لحال ليث ابن أبي سليم (الترخيص ٣/ ٨٥).