القول الرابع: يحرم قبول تبرعه مطلقا، قل الحرام أو كثر.
وبه قال بعض المالكية، وقول عند الحنابلة (٢).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
١ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق عامر قال: سمعت النعمان بن بشير ﵄ يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات: كراع يرعى حول الحمى، يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب "(٣).
وجه الدلالة: أنه إذا وقع الاشتباه في هذا المتبرع به، فالأولى للمسلم أن يستبرئ دينه وعرضه ويتركه مخافة أن يكون حراما، فبما أن الحديث يطلب الاستبراء دون النهي الدال على التحريم كان القول بالكراهة أقرب.
٢ - أن الأصل في هذا الشيء المتبرع به الإباحة، والحرام محتمل، ولا يثبت التحريم بمجرد الاحتمال.
٣ - أن الحرام لما اختلط بماله صار شائعاً فيه، فإذا قبل تبرعه كان ذلك من المتشابه الممنوع منه على وجه التوقي كان مكروهاً.
(١) السيل الجرار، مرجع سابق، ٣/ ١٨. (٢) المصادر السابقة للمالكية والحنابلة. (٣) صحيح البخاري - كتاب الإيمان/ باب فضل من استبرأ لدينه (٥٢)، ومسلم - كتاب المساقاة/ باب أخذ الحلال (١٥٩٩).