استدل لهم بقول الله ﷿: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ (١).
وجه الدلالة: أن الخمر والميسر حرما مع أن فيهما منافع للناس، وسبب التحريم أن إثمهما أكبر من نفعهما، كذلك -هنا- لما غلب الحرام حرم قبول التبرع، أما إذا غلب الحلال حل قبول التبرع اعتباراً بالغالب (٢).
ونوقش هذا الاستدلال: بأنه يعسر ضبط القليل والكثير.
دليل القول الثالث:
(٢٠٦) ١ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس بن مالك ﵁:" أن يهودية أتت النبيَّ ﷺ بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها، فقيل: ألا نقتلها، قال: لا فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله ﷺ "(٣).
٢ - أن الصحابة ﵃ -بعد الخلافة الراشدة يأخذون العطايا ممن جاءت بعد الخلفاء ﵃ -ممن تولى أمر المسلمين مع تلبسهم بشيء مما لا يبيحه الشرع (٤).
دليل القول الرابع:
أن الحرام لما اختلط بماله صار شائعاً فيه، فإذا عامله في شيء منه فقد دخل في جزء من الحرام (٥).
(١) من آية ٢١٩ من سورة البقرة. (٢) أحكام المال الحرام ص ٢٤٨. (٣) صحيح البخاري -كتاب الهبة وفضلها/ باب قبول الهدية من المشركين (٢٤٧٤)، ومسلم -كتاب السلام/ باب السُّم (٢١٩٠). (٤) ينظر: السيل، مرجع سابق، الجرار ٣/ ١٩. (٥) فتاوى ابن رشد ١/ ٦٣٤.