قلتُ: فالشطر يا رسول الله، قال:" لا "، قلتُ: فالثلث، قال:" الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس "(١).
وجه الدلالة: أن المنع من الزيادة على الثلث من أجل الورثة؛ لقوله ﷺ:" إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ".
وأيضا فإن كلمة "إن" نص ظاهر في التعليل، كما أنه ظاهر في أن المقصود بالورثة الورثة الخاصة غير بيت المال، ألا ترى إلى قول سعد:"لا يرثني إلا ابنة لي" وإلى قوله ﷺ: "ورثتك" بالإضافة للمخاطب، وإلى قوله:"يتكففون الناس"، فإن ذلك كله يدل على أن المقصود بالورثة غير بيت المال، وأن بيت المال غير وارث؛ لأن بيت المال لا يتكفف.
ونوقش من وجهين:
الأول: أن قوله ﷺ: " إنك إن تذر ورثتك أغنياء " توجيه النظر إلى ما ذكره ﷺ من أن الثلث كثير، وأنه ينبغي للشخص أن يراعي حال ورثته، فإذا كانت حالهم تدعو إلى النقص عن الثلث لفقرهم نقص، بل إن كانت حالهم تدعو ترك المال جميعه فعل؛ لأن إغناءهم عند فقرهم خير من الإيصاء.
الثاني: أنه لو سلم أن ما ذكر في حديث سعد ﵁ هو علة النهي لكان للموصي أن يوصي بجميع ماله مع غنى الورثة، وأن يمنع من الوصية إذا كانوا فقراء، وهذا لم يقل به أحد.
٤ - ما رواه البخاري من حديث النعمان بن بشير ﵄ أن أباه أتى به رسول الله ﷺ فقال:" إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله ﷺ: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ قال: " لا "، فقال: فأرجعه "(٢).
(١) تقدم تخريجه برقم (٣). (٢) تقدم تخريجه برقم (١٨٧).