الثاني: الخلاف في علة النهي عن الوصية لوارث هل هو لحق الورثة أو لحق الله؟ فمن رأى أنه لحق الورثة قال: الوصية صحيحة موقوفة على إجازتهم، فإذا أجازوها جازت؛ لأن الحق لهم وقد أسقطوه، ومن قال بأن المنع تعبد لحق الله قال: ببطلانها، وإن أجازها الورثة؛ لأن الحق لله، فلا يسقط بإسقاط أحد.
الأدلة:
أدلة الجمهور:
استدل الجمهور بما يلي:
١ - حديث أبي أمامة ﵁ … وفيه قوله ﷺ:" لا وصية لوارث "(١).
٢ - حديث ابن عباس ﵄، وفيه قوله ﷺ:" إلا أن يجيز الورثة "(٢).
فحديث:" لا وصية لوارث " يقتضي بطلانها أجازها الورثة أم لا؛ لأنه عام في جميع الوصايا وجميع الأحوال، في حين حديث ابن عباس يقتضي صحتها إذا أجازها الورثة لقوله:" إلا أن يشاء الورثة " والاستثناء من النفي إثبات، فتكون الوصية لوارث مع الإجازة صحيحة.
فقوله:" إلا أن يشاء الورثة " خاص، وحديث:" لا وصية لوارث " عام، والخاص مقدم على العام.
٣ - ما ورد عن سعد بن أبي وقاص ﵁ أنه قال: جاءني رسول الله ﷺ يعودني من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟، قال:" لا "، قال:
(١) تقدم تخريجه برقم (١٤). (٢) تقدم تخريجه برقم (٥١).