ونوقش هذا الدليل: بأن السكرَ ليس من فعل السكران، وإنما هو من فعل الله تعالى فيه، فكيف صار منسوباً إليه، ومؤاخذاً به؟ (١).
وأجيب: بأن السكران هو المتسبب بالسكر؛ حيث إن الشرب من فعله، فصار ما حدث عنه -وإن كان من فعل الله تعالى- منسوباً إلى فعله، كما أنَّ سراية الجناية لما حدثت عن فعله نسبت إليه، وكان مؤاخذاً بها، وإن كان من فعل الله تعالى فيه (٢).
٨ - قياس وصية السكران على سائر جناياته، كالقتل والقذف ونحوها، فكما يؤاخذ السكران عليها يؤاخذ على عقد الوصية (٣).
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن هذا قياس مع الفارق؛ لافتقار الأقوال للعقل بخلاف الجنايات، فإنها مبنية على الفعل المتسبب في إقامة الحد لمخاطبته في صحوه بعدم السكر المؤدي إلى الجناية التي لا يعذر بفعلها (٤).
الوجه الثاني: أن المقيس عليه موضع خلاف بين أهل العلم، فمن العلماء من قال بأن أقواله، كأفعاله لا يترتب عليها حكم العمد لفقد القصد (٥).
٩ - القياس على إلزامه الصلاة الواجبة حال سكره، فوجب صحة وصيته (٦).
(١) الحاوي، مرجع سابق، (١٣/ ١٠٧). (٢) نفسه. (٣) بدائع الصنائع (٣/ ٩٩)، بداية المجتهد (٢/ ٨٢)، القواعد والفوائد الأصولية ص (٣٧). (٤) مجموع الفتاوى، مرجع سابق، (٣٣/ ١٠٦). (٥) نفسه (٣٣/ ١٠٣). (٦) الفتاوى الكبرى (٤/ ٤٠٢)، شرح الكوكب المنير (١/ ٥٠٧).