فهذه الفتوى من الصحابة -رضوان الله عليهم- تدل على أن تلفظ السكران بصيغة الطلاق لغو لا يترتب عليها حكم، ويقاس على صيغة الطلاق سائر صيغ العقود كالوصية؛ إذ لا فرق مؤثر في الحكم بينهما.
٩ - أن السكران زائل العقل مفقود الإرادة، وشرط التكليف العقل، وهو مفقود، فأشبه المجنون والنائم والمكره (١).
واعترض على هذا القياس من وجهين:
أحدهما: أن مع المكره والمجنون علما ظاهرا يدل على فقد الإرادة هما فيه معذوران، بخلاف السكران (٢).
الثاني: أن المكره والمجنون والنائم غير مؤاخذين بالإكراه والجنون والنوم، فلم يؤاخذوا بما أحدثوا فيها، كما أن من قطع يد سارق فسرت إلى نفسه لا يؤاخذ بالسراية؛ لأنه غير مؤاخذ بالقطع، ولو كان متعديا بالقطع لكان مؤاخذ بالسراية كما كان مؤاخذا بالقطع (٣) بخلاف السكران، فإنه لما كان متعديا بالسكر كان مؤاخذا بما حدث فيه.
وأجيب: بما أجيب به عن المناقشة الواردة على الدليل الرابع.
١٠ - أن عبادات السكران كالصلاة لا تصح بالنص والإجماع؛ لأنه لا يعلم ما يقول كما دل على ذلك القران الكريم.
والقاعدة: أن كل من بطلت عبادته لعدم عقله فبطلان عقوده أولى وأحرى، كالنائم والمجنون ونحوهما، فإنه قد تصح عبادات من لا يصح تصرفه لنقص عقله كالصبي والمحجور عليه لسفه (٤).
(١) ينظر: المغني لابن قدامة ١٠/ ٣٤٧/ ٣٤٨، شرح الزركشي ٥/ ٣٨٥. (٢) ينظر: الحاوي، مرجع سابق، ١٣/ ١٠٧. (٣) المصدر السابق. (٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، مرجع سابق، ٣٣/ ١٠٦/ ١٠٧.