للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والجامع بين هذه البيوع والمعاطاة وقوعها بغير لفظ، وكذا الوصية (١).

ونوقش هذا الدليل: بعدم التسليم بالقياس؛ لأنه قياس مع الفارق.

فبيع الملامسة هو: وقوع العقد باللمس.

والمنابذة: وقوع العقد بنبذ الثوب ونحوه إلى المشتري.

وكذلك بيع الحصاة هو: أن يضع عليه حصاة.

فتكون هذه الأفعال عندهم موجبة لوقوع عقد البيع، أما المعاطاة فليست من جنس اللمس والمنابذة والحصاة؛ لأنَّ العقد معلق في هذه البيوع على المخاطرة، ولا تعلق للَّمس والنَّبذ ووضع الحصاة بعقد البيع، فليست هذه الأفعال من موجبات العقد ولا من أحكامه، أما المعاطاة فهي تسليمٌ وتسلُّمٌ، وتسليمُ المبيع والثمن من حقوق البيع وأحكامه (٢)، وكذا التصرف في الوصية يدل على القبول وتمام العقد.

٣ - أنَّ في المعاطاة نقلاً للملك من غير لفظٍ دالٍّ عليه، وقد أحلَّ اللهُ البيعَ، والبيع اسم للإيجاب والقبول، وليس مجرد فعل بتسليم وتسلم؛ إذ للمسلّم أن يرجع ويقول: قد ندمت، وما بعته؛ إذ لم يصدر مني إلا مجرد تسليم، وذلك ليس ببيع (٣)، وكذلك التصرف في الوصية.

ونوقش هذا الدليل: بأنه مخالفٌ لما عليه أهلُ اللُّغةِ، فليس البيعُ في اللُّغةِ اسمٌ للإيجاب والقبول، وإنما هو مبادلة المال بالمال (٤)، وحقيقة المبادلة بالمعاطاة هي: الأخذ والإعطاء، أما التلفظ بالإيجاب والقبول فهو مجرد دليل على الرضا بالمبادلة الفعلية.


(١) ينظر: أحكام القران للجصاص ٣/ ١٣٠.
(٢) المرجع السابق ٣/ ١٣١.
(٣) إحياء علوم الدين للغزالي ٢/ ٦٤.
(٤) المصباح المنير (١/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>