غير أن حقيقة الرضا لما كانت أمراً خفيَّاً وضميراً قلبيَّاً، اقتضت الحكمةُ ردَّ الخلق إلى مردٍّ كلّيٍّ وضابط جليٍّ، يُستدلُّ به عليه، وهو الإيجاب والقبول باللفظ الدالان على رضا العاقدين (١).
ونوقش هذا الدليل: بأنَّه لا يوجد في الشرع ما يدلُّ على اشتراط لفظٍ معيّنٍ أو فعلٍ معيَّنٍ يستدلُّ به على التراضي، وقد عُلِمَ بالاضطرارِ من عاداتِ النَّاسِ في أقوالهم وأفعالهم أنهم يعلمون التراضي وطيب النفس بطرق متعددة، ولذلك يقال: إنَّ في القرآن من الفوائد ما يدل على المقاصد.
بل ثبت بالأدلة أن الناس في عهد النبي ﷺ يستعملون المعاطاة وسيلة للتعبير عن الرضا بالعقد، وهذا أمرٌ معهودٌ في ذلك العصر وفي كل عصر ومصر (٢).
٢ - أن المعاطاة في معنى ما نهى عنه رسول الله ﷺ من بيع المنابذة والملامسة.
(١١٢) روى البخاري ومسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ:" نهى عن الملامسة والمنابذة، وبيع الحصاة "(٣).
(١١٣) روى مسلم من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ﵁ قال:" نهى رسول الله ﷺ عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر "(٤).
(١) ينظر: تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص ١٤٣، مغني المحتاج ٢/ ٣. (٢) مجموع الفتاوى ٢٩/ ١٥، شرح النقاية ٢/ ٤. (٣) صحيح البخاري -كتاب البيوع/ باب بيع الملامسة والمنابذة، وصحيح مسلم - كتاب البيوع/ باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة (١٥١١، ١٥١٢). (٤) صحيح مسلم في كتاب البيوع/ باب بطلان بيع الحصاة (١١٣).