ذلك قول الله ﷾: ﴿إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (١)، والتجارة عبارة عن جعل الشيء للغير ببدل، وهو تفسير التعاطي (٢).
وقال ﷾: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾ (٣) أطلق ﷾ اسم التجارة على تبادل ليس فيه قول البيع.
وقال ﷾: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ (٤)، فقد سمى ﷾ مبادلة الجنة بالقتال في سبيل الله تعالى اشتراءً وبيعاً؛ لقوله تعالى في آخر الآية: ﴿فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ﴾.
وإن لم يوجد لفظ البيع (٥).
٤ - أنَّ العقودَ أنواع متباينة كالبيع والإجارة، والرهن، والهبة، والصدقة على عوض، والوصية، والصلح بالمال، ولكل منها ماهية تخصه، والرضا المقترن بالمعاوضة جنس شامل لجميع تلك الصور، فلا بد في معرفة كونه بيعاً من هبة أو هبة من صدقة، أو رهناً من إجارةٍ، أو وصية، ونحو ذلك من بيان كل منها باسم يخصه، وليس إلا القول المترجم عما في النفس، وإلا كان رجوعاً بالبيان إلى غير ما جعل الله أمره إليه (٦).
ويناقش هذا الاستدلال: بأنَّ التمييزَ بين العقود يكون باللفظ، وبالقرائن والظروف المحيطة بها، وبالعرف الغالب.
فإذا ركب شخصٌ سيارةَ أجرةٍ، ودفع لصاحبها الثمن بعد وصوله مقصده
(١) من الآية ٢٩ من سورة النساء. (٢) ينظر: صيغ العقود (١/ ٥٠٤). (٣) من الآية ١٦ من سورة البقرة. (٤) من الآية ١١١ من سورة التوبة. (٥) بدائع الصنائع ٥/ ١٣٤. (٦) الروض النضير ٣/ ٤٢٧ - ٤٢٨.