الربيع، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما، فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال:«يقضي الله في ذلك» فنزلت: آية الميراث، فبعث رسول الله ﷺ إلى عمهما، فقال:«أعط ابنتي سعد الثلثين، وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك»(١).
وجه الدلالة من وجهين:
الأول: أن العم أخذ جميع التركة، ولم يدع شيئا للبنتين قبل نزول آية الميراث، ولم يأمره الرسول ﷺ بإخراج شيء من تركة سعد، وإعطائه لقرابته، فدل ذلك على أنه لا تنفذ الوصية إلا إذا أوصى بها الميت.
الوجه الثاني: أن النبي ﷺ بعد نزول آية الميراث أمره بإعطاء البنتين الثلثين والأم الثمن، وأخذ الباقي لنفسه، ولم يأمره بإخراج سهم الوصية، فدل ذلك على عدم وجوبه وإلا لذكره؛ لامتناع تأخير البيان عن وقت الحاجة.
(٦١) ٥ - ما رواه الطبري من طريق أسباط، عن السدي، قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري ولا الضعفاء من الغلمان، لا يرث الرجل من ولده إلا من أطاق القتال، فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر، وترك امرأة له يقال لها: أم كجة، وترك خمس جوار، فجاءت الورثة فأخذوا ماله، فشكت أم كجة ذلك إلى النبي ﷺ، فأنزل الله هذه الآية: ﴿فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ﴾ (٢).
وجه الدلالة: وهو أنه لم يأمر ابني العم بإخراج سهم الوصية قبل نزول
(١) سبق تخريجه برقم (٤٤). (٢) جامع البيان (٨٧٢٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٤٩٣٦) عن أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، به. وأورده السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٢، ونسبه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. والحديث مرسل. وفي الإصابة ٤/ ١١٥ ذكر الواقدي عن الكلبي في تفسيره عن أبي صالح عن ابن عباس: " أن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك ثلاث بنات وامرأةً يقال لها أم كجة، فقام رجلان من بني عمه .... بنحوه ". وفي تفسير ابن كثير ٢/ ٢١٩ وقد روى ابن مردويه من طريق ابن هَرَاسة عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: " جاءت أم كُجَّة إلى رسول الله ﷺ، فقالت: يا رسول الله، إن لي ابنتين، وقد مات أبوهما، وليس لهما شيء، فأنزل الله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ﴾ الآية، وقد تقدم حديث جابر برقم (٤٤) وتقدم أن الآية نزلت في ابنتي سعد بن الربيع ﵁.