لا تدل على الوجوب، وإنما تدل على المبادرة إلى الامتثال، والمواظبة عليه، وقد كان ابن عمر ﵄ معروفا بحرصه الشديد على التمسك بالسنة: واجبها ومندوبها، وأحيانا حتى المباح منها، فلا يدل مجرد الكتابة على قوله بوجوب الوصية، خاصة ونحن نقطع بأنه لم يترك وترا، فهل يدل ذلك على وجوبه عنده؟.
ثم هو معارض بما صح عنه أنه لم يوص عند موته، وعرض عليه ذلك فأبى وهذا مقدم؛ لأنه آخر أمره، ثم هو فعل وذلك قول، والفعل أقوى من القول المجرد لصراحته، واحتمال القول للوجوب والندب، كما أنه على تسليم دلالته على الوجوب فإن ذلك اجتهاد منه في فهم الحديث الذين رواه، لا يكون حجة على غيره بناء على أن تفسير الراوي غير لازم لغيره (١).
(٥٩) ٥ - ما رواه عبد الرزاق في تفسيره من طريق الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم، قال: ذكر عنده طلحة، والزبير، فقيل: كانا يشددان في الوصية، فقال:«وما عليهما أن لا يعملا؟ توفي النبي ﷺ فما أوصى، وأوصى أبو بكر، فإن وصى فحسن، وإن لم يوص فلا بأس»(٢).
ونوقش: بأنه ضعيف، وأيضا: بأنه معارض بأن النبي ﷺ لم يوص، وباجتهاد غيرهما من الصحابة، قال النخعي: «ما كان عليهما أن يفعلا، توفي رسول الله ﷺ(٣) فما أوصى».
(١) المحلي وحواشيه، مصدر سابق، ٢/ ٧٩. (٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٦٨، ومن طريقه أخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/ ٧٠ وعنده زيد بدل الزبير، وابن حزم في المحلى ٨/ ٣٤٩. وهذا الإسناد فيه ضعف وعلته الإبهام. (٣) التمهيد ٥/ ٣٨٥.