للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يوصي فيه) ففوض الأمر إلى الموصي، ولو كانت الوصية واجبة لما علقها بإرادة الموصي، ولكانت واجبة أرادها أو لم يردها، كسائر الواجبات، ولا يتوقف وجوبه على إرادة المكلف.

بالإضافة إلى أن هذه الصيغة وردت في لسان الشرع لغير الوجوب في عدة أحاديث، فلتكن هذه منها بقرينة (له شيء يريد أن يوصي فيه).

وحمل اللفظ المحتمل للوجوب والندب على الندب، أولى من حمله على الوجوب؛ لأن الأصل براءة الذمة، ولأنه القدر المحقق، والزائد مشكوك فيه، فلا يثبت مع الشك.

وأما رواية (ما حق امرئ) فالجواب عنها زيادة على ما سبق من وجهين:

الأول: أن الحق يحتمل للواجب والمندوب؛ لإطلاقه عليهما، وقوله: "يريد أن يوصي" قرينة على أن المراد الندب لا تعارضها قرينة أخرى في هذه الرواية، فيتعين حملها عليه لعدم المعارض.

الثاني: أن المراد به الحزم والاحتياط، لا الفرض والوجوب، قال الشافعي: "يحتمل ما الحزم والاحتياط، ويحتمل ما المعروف في الأخلاق إلا هذا لا من جهة الفرض " (١).

وأما رواية "لا ينبغي" فإنها محمولة على أنه لا ينبغي في مكارم الأخلاق، ولا يليق بالمسلم ترك الوصية، بقرينة قوله: "يريد أن يوصي فيه".

٤ - قول عبد الله بن عمر : " ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندي وصيتي " (٢).

وأجيب: بأنه لا دلالة فيه على الوجوب صراحة، وإنما فيه أنه لم تمر عليه ليلة إلا ووصيته مكتوبة عنده، هكذا رواه مسلم، وهذه العبارة وحدها


(١) انظر: الأم ٥/ ٢٤٣، ٢/ ٩٢، معالم السنن ٣/ ٧٦.
(٢) سبق تخريجه برقم (٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>