الوصية؛ لأن الوقف عطية في الحياة، والوصية عطية بعد الوفاة والخلاف في الوصية، لا في الوقف.
كما أن قوله "لم أبت ليلة إلا ووصيتي مكتوبة عندي" لا يصلح لمعارضة ما ثبت عنه من عدم الوصية،
(٥٨) فقد روى ابن سعد من طريق أيوب، عن نافع:"أن ابن عمر اشتكى فذكروا له الوصية، فقال: الله أعلم ما كنت أصنع في مالي، وأما رباعي وأرضي، فإني لا أحب أن أشرك مع ولدي فيها أحدا "(١).
لأن هذا قول كان يقوله في حياته، "فلما حضره الموت وقيل له: ألا
(١) طبقات ابن سعد ٤/ ١٨٥، وأخرجه ابن جرير في تفسيره ٢/ ٧٠، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال ٣٤٣، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٣١/ ١٩٦ وغيرهم. وعزاه الحافظ ابن حجر في الفتح ٥/ ٤٥٢ لابن المنذر. كلهم من طريق أيوب، عن نافع، به. قال الحافظ ابن حجر في الفتح ٥/ ٤٥٢: " سنده صحيح ". وقد ضعف هذا الأثر ابن حزم في المحلى ٨/ ٣٥١ وحكم ببطلانه وقال: " إنما روي من طريق أشهل بن حاتم وهو ضعيف، ومن طريق ابن لهيعة وهو لا شيء، والثابت عنه ما رواه مالك عن نافع من إيجابه الوصية، وأنه لم يبت ليلة منذ سمع هذا الخبر من النبي ﷺ إلا ووصيته عنده مكتوبة ". ولكن هذا الأثر جاء عن ابن عمر من عدة طرق وليس فيها أشهل ولا ابن لهيعة، بل روي عن رجال كلهم ثقات حفاظ، ومن ثم حكم الحافظ كما تقدم بصحته، فقد رواه ابن سعد في طبقاته الكبرى ٤/ ١٨٤ قال: أخبرنا أزهر بن سعد السمان عن ابن عون، عن نافع قال: لما ثقل ابن عمر قالوا له: أوص، قال: وما أوصي؟ قد كنت أفعل في الحياة ما الله أعلم به، فأما الآن فإني لا أجد أحدا أحق به من هؤلاء، لا أدخل عليهم في رباعهم أحدا ". وقال ابن سعد أيضا: أخبرنا: إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن أيوب، عن نافع " أن ابن عمر لم يوص ".