كما أن قول الجصاص باحتمال أن تكون أمه أعجمية، وأن يكون الرقيق الذي أعتقهم قرابته من أمه مردود؛ لأنه مجرد احتمال لا دليل عليه، وهو أبعد مما قبله؛ لأنه احتمال مركب، مبني على احتمالين: احتمال كون الأم أعجمية، وكون العبيد كلهم قرابته من أمه، وهو بعيد بالنسبة للمجتمع العربي في عصر النبوة، حيث كانت العرب في فرقة، والعجم المحيطون بهم في قوة ومنعة، ولا يتأتى معها استعباد هذا العربي لهذا العدد من العجم ومن قرابة واحدة.
فلم يبق إلا ما قاله الشافعي، وهو أن هؤلاء الرقيق لم يكونوا من قرابته، وأن العرب لا تستعبد قرابتها من الجهتين، وإنما تملك من لا قرابة له أو كان من العجم (١).
القول السابع: أن الآية منسوخة بما دل عليه الإجماع وإن لم يتعين دليله (٢)؛ لأنه لا بد للإجماع من مستند.
قال ابن العربي:"وإن انعقد -يعنى الإجماع- على أثر جاز أن يكون ناسخا، ويكون الناسخ الخبر الذي انبنى عليه الإجماع، وهذه مسألتنا بعينها، فإن الأمة إنما جمعت رأيها على إسقاط الوصية للوالدين ...... "(٣).
القول الثامن: إنها منسوخة بتقريره ﷺ أصحابه على عدم الوصية وعلى الوصية لغير الأقارب، فقد جاء في حديث سعد بن أبي وقاص ﵁"أنه أراد الوصية بماله كله في سبيل الله"(٤) فمنعه الرسول ﷺ من الوصية بذلك، وبالنصف وبالثلثين وأجاز له الثلث (٥).
(١) انظر: الأم ٥/ ١٠٤، فتح الباري ٥/ ٣٥٩. (٢) فتح الباري، مرجع سابق، ٥/ ٣٧٣. (٣) الناسخ والمنسوخ، مصدر سابق، ٢/ ١٩. (٤) سبق تخريجه برقم (٣). (٥) نيل الاوطار، مرجع سابق، ٦/ ٣٧.