للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السابعة (١) وآية الوصية نزلت قبل السنة الخامسة، كما يفهم من حديث ابن عباس ، وعائشة في قصة أم سعد بن عبادة، فقد خرج ابنها مع رسول الله في غزوة دومة الجندل سنة خمس (٢) فأدركتها الوفاة، فقال لها الحاضرون أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد، فقد كان أمر الوصية معروفا في أوساط المسلمين، يعلمه النساء وغيرهن، وذلك دليل على تقدم نزول الآية عن هذا التاريخ.

الوجه الثاني: أن الحديث هو المنسوخ بآية الوصية، وليس العكس؛ لاتفاق الجميع على أنه قبل نزول آية الوصية المذكورة كان يجوز للإنسان أن يوصي لمن شاء، فنسخت الآية ذلك الحكم السائد والذي جاء الحديث على مقتضاه، وأوجبت الوصية للوالدين والأقربين، ولا يمكن أن يعود المنسوخ ناسخا، والناسخ منسوخا بغير نص ثابت.

وأجيب: أنه لا يصح؛ لأنه ليس في الآية ما يدل على تأخرها عنه، كما ليس في الحديث ما يدل على تقدمه عليها، بل الأمر بالعكس، وهو أن الحديث هو المتأخر كما سبق.

الوجه الثالث: أنه يحتمل أن يكون الموصي حليفا في الأنصار ولا قرابة له، فلا تبقى فيه حجة على جواز الوصية لأجنبي، وترك القريب مع وجوده.

وأجيب: ما جاء في الرواية السابقة عند أحمد: أنه له ورثة جاؤوا إلى النبي ولا يخلو حال من له ورثة من القرابة أن يكون له قرابة غير وارثين.

بالإضافة إلى أن الاعتماد على مجرد احتمال أن يكون لا قرابة له لرد الاستدلال بالحديث، والحكم بنسخه، يعتبر في حد ذاته قولا بغير دليل، يحرمه ابن حزم، فلا يليق به الالتجاء إليه.


(١) الإصابة، مرجع سابق، ٣/ ٢٦.
(٢) انظر: الفتح، مرجع سابق، ٥/ ٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>