بعد، كما علمها غيره فإن الشأن فيها أن لا تخفى، ولا شك أن آية الوصية نزلت قبل ذلك بكثير، كما سنراه،
(٥٤) وقد روى البخاري ومسلم من طريق ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله ﵄ يقول: "مرضت مرضا فأتاني النبي ﷺ يعودني، وأبو بكر وهما ماشيان، فوجداني أغمي علي فتوضأ النبي ﷺ، ثم صب وضوءه علي، فأفقت فإذا النبي ﷺ، فقلت: يا رسول الله كيف أصنع في مالي كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث"(١).
وهو صريح في تأخر آية الفرائض عن آية الوصية.
(٥٥) وثانياً: روى أحمد من طريق سماك بن حرب، عن الحسن البصري، عن عمران بن حصين ﷺ: أن رجلا أعتق عند موته ستة رجلة له، فجاء ورثته من الأعراب فأخبروا رسول الله ﷺ بما صنع قال:"أو فعل ذلك، قال: لو علمنا إن شاء الله ما صلينا عليه، قال: فأقرع بينهم، فأعتق منهم اثنين ورد أربعة في الرق "(٢) ففي هذا دلالة على أن القصة وقعت بعد آية الفرائض، وآية الفرائض متأخرة عن آية الوصية كما سبق، فيكون هذا الحديث متأخرا عن آية الوصية ناسخا لها.
ثالثاً: أن عمران بن حصين ﵁ لم يسلم إلا عام خيبر في السنة
(١) صحيح البخاري - كتاب بدء الوحي/ باب عيادة المغمى عليه (٥٦٥١)، ومسلم -كتاب الفرائض/ باب ميراث الكلالة (٤٢٣١). (٢) مسند أحمد (٢٠٠٠٩)، وأخرجه البزار في مسنده (٣٥٣٠) عن أبي كامل، والطبراني في الكبير (١٨/ ٤٠٥) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي، وابن عبد البر في النمهيد ٢٣/ ٤١٧ من طريق مسدد، ثلاثتهم (أبو كامل، ومحمد، ومسدد) عن أبي عوانة به. والحديث منقطع؛ الحسن لم يسمع من عمران.