غيرهم، فدعا بهم رسول الله ﷺ، فجزأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولا شديدا» (١).
وجه الدلالة على النسخ: أن هذه وصية لغير القرابة بجميع المال، أجاز منها النبي ﷺ الثلث، ورد الثلثين، ولو كانت الوصية واجبة للقرابة الذين لا يرثون لرد النبي ﷺ الوصية للرقيق، ولما أجاز لهم الثلث؛ لأنها وصية لغير قرابته، فلما أجازها على الوجه المذكور دل على عدم وجوب الوصية للقرابة غير الوارثين، وعلى نسخ آية البقرة التي أوجبت الوصية لهم، وبهذا احتج الشافعي على النسخ (٢).
ورده ابن حزم من وجوه (٣):
الوجه الأول: أنه ليس في الحديث ما يدل على تأخره عن آية الوصية، ومن شرط الناسخ أن يعلم المتقدم من المتأخر، وأن يكون الناسخ هو المتأخر.
كما رده أبو بكر الجصاص من وجهين آخرين (٤):
الأول: احتمال أن تكون أمه أعجمية، وأن يكون العبيد الذي أعتقهم الموصي من قرابته من جهة أمه الأعجمية.
الثاني: أن هذا مخالف لأصله الثابت عنه، وهو أن السنة لا تنسخ القرآن (٥).
ورد الوجه الأول: بأن تحديد الوصية بالثلث لم يكن إلا في حجة الوداع لحديث سعد بن أبي وقاص، فإنه لو كان معروفا قبل ذلك لما أوصى سعد بجميع ماله، ولو كانت قصة الذي أعتق جميع عبيده وقعت قبل ذلك لعلمها
(١) سبق تخريجه برقم (١٢). (٢) انظر: الأم ٢/ ١٠٤، الفتح ٥/ ٣٥٨ و ٣٥٩. (٣) المحلى، مصدر سابق، ٩/ ٣١٥ و ٣١٦. (٤) أحكام القرآن للجصاص ١/ ١٦٦. (٥) الوصايا والتنزيل، مصدر سابق، ص ٥٩.