بصيغة العموم، يصلح أن يكون ناسخاً لأصل الوصية ولإيجابها مطلقاً لمن يرث ولمن لا يرث.
ووجه ذلك: أن إخباره ﷺ بأن الله أعطى لكل ذي حق حقه من التركة دليل على أن من لم يعطه شيئا منها فلا حق له فيها، وحيث لم يعط لغير الورثة شيئا حين تقسيم الميراث فذاك دليل على أنه لا حق لهم فيها، وإلا لأعطاهم إياه كما أعطى الورثة.
قال ابن العربي معقباً على قول ابن عباس ﵄:(كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله تعالى من ذلك ما أحب) قال: " من كان من القرابة وارثا دخل مدخل الأبوين، ومن لم يكن وارثا قيل له: إن قطعك من الميراث الواجب إخراج لك عن الوصية الواجبة "(١).
القول الخامس: إنها منسوخة بآية الفرائض وحديث "لا وصية لوارث" مجتمعين، ولا يستقل أحدهما بنسخها، وهو مروي عن الشافعي، أما الحديث؛ فلأنه لا يصح عنده نسخ الكتاب بالسنة، وأما آية الفرائض؛ فلأنه لا تعارض بينها وبين آية الوصية؛ لإمكان الجمع بين الإرث والوصية، ولكن لما قال ﷺ:"لا وصية لوارث" علم امتناع الجمع بينهما، فكان لا بد من النسخ، وهو نسخ الكتاب والسنة في آن واحد (٢).
القول السادس: الوصية للوالدين والأقربين منسوخة.
بما رواه مسلم من طريق أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين ﵁ «أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال
(١) أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٧٢، والأثر تقدم تخريجه برقم (٤٨). (٢) انظر: الجصاص ١/ ١٦٦، الفتح ٥/ ٣٧٣.