فإن مقتضى ذلك حمل الوصية في آية المواريث على آية البقرة، وتقييدها بها، ويكون المراد بهما واحداً وهو الوصية للوالدين والأقربين، وبذلك تكون الآية دليلا لمذهب طاووس ومن معه من القائلين بعدم صحة الوصية لغير الوالدين والأقربين.
وعلى القول بإبقاء المقيد على قيده، والمطلق على إطلاقه عند اختلاف حكمهما فإنه لا نسخ ولا تقييد؛ لأن الوصية في البقرة الحكم فيها إنشاؤها والتي في المواريث الحكم إخراجها، أو بعبارة أخرى الحديث عن الوصية في البقرة من حيث إيجادها وفعلها، والحديث عن الوصية في المواريث من حيث إخراجها، وتقديمها على الإرث والحكم فيهما مختلف، والمطلق والمقيد إذا اختلفا في الحكم لا يحمل أحدهما على الآخر على الصحيح عند الأصوليين (١).
القول الثالث: أنها منسوخة بآية: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ﴾ (٢)، وهو قول ضعيف، يرده أنه لا تعارض بينهما، ولا نسخ إذا لم يكن تعارض (٣).
القول الرابع: أن الآية منسوخة بحديث: " لا وصية لوارث "(٤).
ووجه دلالته على النسخ: أن المراد بالنفي في الحديث الجواز، لا نفي الصحة، بدليل:
(٥١) ما رواه أبو داود في مراسيله من طريق عطاء الخرساني، عن
(١) المحلي ٢/ ٥٢، إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٦٧. (٢) من الآية ٨ من سورة النساء. (٣) الناسخ والمنسوخ، مصدر سابق، ٢/ ١٨. (٤) سبق تخريجه برقم (١٤).